الهدف العام للتوافق الدولي للمحاسبة

ظلت المحاسبة للعديد من القرون مجرد ممارسة تحكمها قوانين وأعراف إلى أن بدا الاهتمام بوضع نظرية علمية لها لتأسيس قاعدة فكرية للممارسة، تساعد في التقييم والتنبؤ القبلي والبعدي، فانطلاقا من كون المحاسبة علم اجتماعي يقع في نطاق العلوم الإنسانية ما جعل الفروض الأولية لهذه النظرية متصلة بالواقع التجريبي، ومن ثم إمكانية استنباط هذه الفروض من خلال أهداف المحاسبة، والتي تتمثل في إنتاج معلومات اقتصادية تساعد في التقييم واتخاذ القرارات.
ولكي تساعد المعلومات الاقتصادية في التقييم واتخاذ القرارات، فإنها يجب أن تتسم بخاصيتين رئيسيتين هما الملائمة والموثوقية، وكنتاج لتفاعل أو تداخل هاتين الخاصيتين ينتج أن المعلومات المحاسبية يجب أن تتسم بقابليتها للمقارنة[1]، ويتحقق ذلك من خلال "المعايير المحاسبية" التي تعد بمثابة القواعد الأساسية الواجب استخدامها لتقييم نوعية هذه المعلومات[2].
مما سبق يتضح لنا بان أهداف المحاسبة تمثل قاعدة أساسية للنظرية المحاسبية وتأتي المعايير، كنتاج نهائي لها، مفسرة لهذه الأهداف من حيث تحديدها للمتطلبات أو الخصائص التي يجب أن تتسم بها المعلومات المحاسبية. تأسيسا على ذلك، يمكن القول بان معايير المحاسبة الدولية يجب أن تهدف إلى تقديم معلومات تحقق قابلية المقارنة كنتاج لتفاعل الملائمة والموثوقية كخصائص لازمة لتحقيق الهدف العام للمحاسبة المتمثل في إنتاج معلومات اقتصادية تساعد في التقييم واتخاذ القرارات، وهو ما يؤكد عليه مشروع قابلية المقارنة الذي قام بين المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية ولجنة معايير المحاسبة الدولية، والذي ترتب عليه التوصية بتطبيق معايير المحاسبة الدولية على مستوى الأسواق المالية الأعضاء في المنظمة، وكذلك تقرير الاتحاد الأوروبي بتبني هذه المعايير ابتداء من 1 يناير 2005[3]. هذا ويعتبر النداء إلى قابلية المقارنة كهدف للتوافق الدولي للمحاسبة سابق على إنشاء لجنة معايير المحاسبة الدولية، إذ يرى كل من Kraayenbo و Brandt ان مستخدمي القوائم المالية يحتاجون إلى قوائم مالية قابلة للمقارنة بصرف النظر عن الدولة التي أعدت فيها هذه التقارير، كما يرى Houwrth ان احد المزايا التي تترتب على وجود معايير محاسبة دولية هو تمكين الشركات متعددة الجنسية من إعداد تقارير مالية قابلة للمقارنة لمختلف فروعها وقطاعاتها[4]

[1] رضوان حلوه حنان، النموذج المحاسبي المعاصر من المبادئ الى المعايير دراسة معمقة في نظرية المحاسبة، الطبعة الاولى، (عمان: دار وائل للنشر، 2003)، ص 186.
[2] الأميرة إبراهيم عثمان، "دراسة تحليلية لفعالية توحيد المعايير المحاسبية على المستوى الدولي"، مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية، جامعة الاسكندرية، المجلد 24، العدد 1، 1989، ص ص 406 – 438. ص 409
[3] ريتشارد شرويدر واخرون، نظرية المحاسبة، ترجمة: خالد كاجيجي، ابراهيم فال، (الرياض: دار المريخ، 2006)، ص 130.
[4] سعد بن صالح الرويتع، "مدى ملائمة معايير المحاسبة والمراجعة الدولية في ظل اختلاف الظروف والعوامل البيئية"، مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية، جامعة الاسكندرية، 2001، ص ص 309 – 340.

تعليقات